الأربعاء، 4 أغسطس 2010

إلى القارئ المخنوق إللي سابلي تعليق امبارح!


وجدت أمس تعليقا على تدوينتي الفائتة "حكاية الأربعين امرأة" من زائر يبدو انه اتخنق شوية من محتوى التدوينة وضاق خلقه فترك لي تعليقا يتهمني فيه بالسطحية وبأني من أولئك الذين يعلقون كل بلاوي البلد على شماعة "تمسك الناس بدينهم"...ولست أدري كيف لوى القارئ الكريم عنق السطور وخرج بحكمه الخطير هذا! مهما يكن فلهذا القارئ ( المخنوق) الكريم بالذات, أعيد نشر مقالة نشرت لي من كام سنة في إحدى الدوريات الإلكترونية وفيها عقبت على مقالة للكاتب المهتم بالشأن القبطي مجدي خليل كان قد نشرها بالإنجليزية في صحيفة وطني إنترناشيونال وسماها "الحداثة والقيم الغربية وسطوة الأسلمة" وهو التعقيب الذي أعيد من خلاله النظر في المقولات التي يتبناها الكاتب والتي تربط ربطا حتميا بين "الأسلمة/التدين" - كمسبب وحيد أوحد - وبين التخلف مع التطبيق على الحالة المصرية طبعا..أهو...يمكن ربنا يسهل ونحل سوء التفاهم دة!



تعليقا على مقالة مجدي خليل : " الحداثة والقيم الغربية وسطوة الأسلمة"

من الفائز؟ الإسلام المستنير أم الإسلام المسلّح؟

في مقالته هذه يثير مجدي خليل قضية اندماج الأقليات المسلمة في المجتمعات الغربية متسائلا :أي المجتمعين قد يكون عليه أن يضحي بقيمه الثقافية في سبيل إنجاح عملية الاندماج؟

من الواضح أن الكاتب ينطلق من افتراض نظري مفاده أن "الظاهرة الإسلامية" تؤدي بالضرورة إلى التخلف, غير أن الكاتب لا يضع تعريفا واضحا لما هي "الظاهرة الإسلامية", بل إنه,, كما يتضح من سياق طرحه يخلط بين "الظاهرة الإسلامية" Islamism وبين "التطرف الإسلامي" Islamic Extremism في تبسيط مخل.

بالعودة إلى التعريفات النظرية الواردة في كتابات مختلفة للظاهرة الإسلامية فإننا نجد أن الظاهرة الإسلامية مصطلح واسع المدى يتعلق في أحد مستوياته بمفهوم "الهوية " لدى أفراد وجماعات بعينها , كما يضم أكثر من حيز, ففي فضاء الظاهرة الإسلامية نجد الحيز الثقافي الحضاري والحيز الروحاني والحيز الاقتصادي والحيز السياسي . و فيما يتعلق بالحيز الأخيربالتحديد, أي الحيزالسياسي, فإن المجموعات ذات الخلفية الإسلامية متبايبنة وخطاباتها متفاوتة, بل إنه يمكن القول بصفة عامة إن هذه المجموعات نادرا ما تلتقي في إطار تنسيق أو تعاون.

أما إذا اتفقنا على أن المقالة تتناول "التطرف الإسلامي" , فإن سؤالا يتبادر إلى الذهن هنا :لماذا يفترض الكاتب أن التطرف يجلب التخلف وذلك بخلاف السائد في التحليلات الاجتماعية في الأدبيات الغربية من أن حركة الإسلام المتشدد لاتزيد في جوهرها عن كونها حركة اجتماعية جاءت إفرازا لحالة القهر السياسي ,واللاتوازن الاقتصادي والمعيشي الصارخ, والجهل, وترهل عملية بناء الأمة Nation- Building . وعلى الرغم من أن هذه القراءة ما تزال محل تساؤل نظري إلا أنها ربما تكون أكثر منطقية من قراءة الكاتب القائمة على متلازمة الدين والتخلف,في مقابل متلازمة الحداثة, وهو طروحات غير متفق عليها في الدوائر الفكرية والأكاديمية العربية إلى اللحظة,
وإن كان غير المختلف عليه أن التشدد وضيق الأفق والانغلاق على الذات والموروث كلها محفزات للتخلف.

ولعل ما يجري في الدول العربية في عهدنا هذا مثال واضح على هذه المعادلة. فتلك الدول التي تحكمها نظم من المفترض أنها "علمانية" لا ترجع إلى الدين في ترسيم سياساتها الداخلية والخارجية , تشهد في كل يوم جميع أنواع انتهاكات حقوق الإنسان بما فيها الحق في الحياة وقمع المعارضة بدعوى حماية "الأمن القومي" و "الوحدة الوطنية".
وإذا نظرنا إلى مصر بالتحديد فإننا نجد أن عوامل أخرى عديدة بخلاف الدين و "التدين" بعضها سياسي اجتماعي وبعضها الآخر اقتصادي قد تضافرت جميعها لجلب التخلف على المجتمع المصري , ما ساعد الحركة الإسلامية على النمو كرد فعل وكآلية تصدي للقهر وغياب العدالة.

ومن جانبها فإن السلطات المصرية لم تتعامل مع تنامي الحركة الإسلامية بما تستحقه الحركة من اهتمام بمسبباتها و تتبع لجذورها, بل إن الحل الأمني كان دائما هو الحل الأقرب لأيدي صناع القرار, حيث تعامل النظام ولعقود بقسوة مع بؤر تجمعات الإسلاميين أو كل من يشتبه في انتمائه إليهم.

الكاتب يشير بأصابع الاتهام إلى مسلمي الغرب بأنهم يشيعون الحقد المقدس ويمارسون التقتيل بعشوائية باسم الدين, غير أن الفكرة كما تبدو لي أكثر تعقيدا من تلك الصورة التي يروج لها الكاتب. فالصورة يمكن أن ترى كذلك: على أحد الجانبين نرى النسق القيمي الإسلامي الذي أفرز أفكارا ومبادئ معينة من بينها "الجهاد" كمفهوم محوري تطور -بل لنا أن نقول تشوه -عبر السنين وتمت إعادة تكييفه ليصل في بعض الحالات إلى ممارسات إرهابية فردية الطابع لا تتمتع بالشرعية المجتمعية, أما على الجانب الآخر فإننا نجد النسق القيمي الغربي بقيمه الليبرالية وبما للعقل المستنير فيه من محورية وما أفرز من رؤى خاصة به مثل الديمقراطية , غير أنه في الوقت ذاته كان خلفية لإرهاب الدولة الذي تمارسه القوى العظمى تحت شعارات من شأنها أن تؤنسن الحرب إلى أبعد حد ممكن مثل التدخل الإنساني وغيرها.

بعبارة أخرى, فإن قرءاة هذه التطورات من منظور "سياسات القوى" من شأنه أن يخلق صورة أقرب إلى الواقع بتعقيداته من تلك المبسطة التي يتحدث عنها الكاتب. فثوابت الإسلام ,من مثل الجهاد, كانت دائما ثوابت غير أن تلك الثوابت نفسها باتت تثير الرأي العام العالمي الآن أكثر من أي وقت مضى وباتت تخلق مقدارا هائلا من الزخم لم يكن مسبوقا. حتى التعارض بين بعض جوانب ثقافة حقوق الإنسان بدعائمها الغربية من جانب و الرؤية الإسلامية إزاء بعض القضايا –و إن كانت روح الإسلام عامة تتماشى مع الفكرالحقوقي- من جانب آخر, حتى هذا التعارض كان من الممكن أن يثير فضولا معرفيا عالميا إزاء الإسلام. أما و أن الفكر الحقوقي وفكر التحول الديمقراطي هو فكر متصل بأجندة سياسية واقتصادية طموحة و مدعوم بأدوات ترهيب وترغيب ناجعة, فإنه من غير المستغرب أن يستحيل" الفضول المعرفي " الذي من شأنه أن يتمخض عن حوار إلى نزاع قوى وصراع.
أما عن مقارنة الكاتب الأوضاع في العالم العربي والإسلامي بالأوضاع في أوروبا خاصة فيما يتعلق بوضع الدين من النسقين القيميين الإسلامي والغربي ومسألة حرية التعبير, فإنه تحضرني هنا عدة نقاط:

أولا: إن العلاقة بين المؤسسة الدينية ومؤسسات الحكم علاقة قد تم حسمها في العالم الغربي منذ عصور وذلك على خلاف الوضع السائد في عالمنا العربي والإسلامي حيث تلعب المؤسسة الدينية إسلامية كانت أو مسيحية دورا سياسيا جديرا بالاعتبار.فالجدل حول إمكانية "ترشيد" أو "تحجيم" دور الدين في الحياة العامة في دولنا العربية والإسلامية هو الجدل الغالب على الدوائر السياسية في عالمنا العربي والإسلامي اليوم , وليس المطروح غالبا هو اجتثاث الدين من الحياة العامة والسياسية تماما.
مهما يكن فإن الحوار دائر بالفعل بين العلمانيين العرب وبين المنظرين الإسلاميين حول حجم الدور الذي ينبغي أن يلعبه الدين في الحياة السياسية في بلادنا (هذا إذا ما اعتبرنا حالة الاستقطاب الفكري العنيف والإقصاء المتبادل التي تشهدها الساحة العربية اليوم "حوارا"!) لذا فإن الإتيان بحلول جاهزة واستنتاجات سابقة التحضير تجد جذورها غالبا في الخبرة التاريخية الغربية التي تطورت عبر قرون يعد اختزالا للجدل الدائر من شأنه أن يضلل مجتمعاتنا ويأخذها إلى متاهات سياسية ليست مستعدة للخوض فيها.
ثانيا: حرية التعبير هي قيمة عظيمة بما لا يدع مجالا للجدل, غير أنه يسعدني أن أدعو القارئ إلى مراجعة تقرير التنمية الإنسانية الصادر عن برنامج الإمم المتحدة الإنمائي للعام 2004 ليرى بنفسه معدلات الأمية الصادمة في عالمنا العربي ولأسأله: أي حرية تعبير وأي احترام للحق في حرية التعبير تلك التي يمكن أن نتوقعها من مجتمع غارق في الجهل والأمية خاصة حين يتعلق الأمر بمقدساته تلك التي لم يفقد إيمانه بها بعد في حين فقد إيمانه بكل ما عداها. إذا كان "للمثقفين" أن يلعونا "آلهة العوام" في كتاباتهم فإن العوام سيشعرون بأن لهم بدروهم أن "يردوا" ولما كانوا عواما أميين في الغالب فإن ردهم بطبيعة الحال لن يخرج في هيئة جدالات منمقة وجدالات مضادة وإنما سيخرج عشوائيا هوجائيا بل وعنيفا على الأرجح.
نظريا, يمكن للأميين أن يكونوا سياسيين على اعتبار أن السياسة هي "من يحصل على ماذا متى وكيف" وهو ما لا يتطلب تعليما عالي المستوى (و هذا ما لا يدركه أولو الأمر في دولنا العربية أو للدقة يتعامون عنه فيتخذون من أمية شعوبهم ذريعة لإقصائهم خارج دائرة صنع القرار و بالتالي للحكم المستبد), غير أن خلق "مثقف" متفتح العقل على العالم متقبلا للآخر يحترم حق الآخرين في التعبير عن ذواتهم حتى وإن اختلفوا معه, فهذا أمر مختلف إذ يتطلب تعليما أعلى مستوى في بيئة أكثر انفتاحا تهئ له أجواء من التسامح بما يفسح المجال لاختلاف الذي لا يفسد للود قضية, فأين بلادنا وأين نظم التعليم فيها من هذا؟
ثالثا: حين قامت حركة الطالبان بتدمير تمثالي بوذا العملاقين عام 2001 لم تكن القيمة التاريخية والفنية للتمثالين هي الهم الأكبر لمن ثارت ثائرتهم على الفعل الطالباني بل إن البعد الديني للحدث المتمثل في قدسية التمثالين لدى أولئك الذين يدينون بالبوذية في العالم كانت كذلك محور اهتمام من دانوا الفعلة ومنهم مسلمون , فلماذا لا يكون رد فعل مثقفي العالم مماثلا أو حتى مقاربا لهذا حين يتم المساس بمقدسات المسلمين؟
رابعا: إن النظم الحاكمة التي تعاقبت على مصر منذ حركة الجيش في 1952 والتي لم تكن لها خلفية دينية واضحة بحيث يمكن وصفها بأنها نظم " علمانية" تفننت في وأد حركات و رموز المعارضة بجميع أشكالها فلم تشق لها قنوات شرعية للسريان ما نتج عنه أن "لا صوت يعلو على صوت النظام الحاكم" إلى جانب عدد من "المثقفين المدجّنين" . فبأي عين إذن نطالب البسطاء من الأميين وأنصاف المتعلمين في ظل هذه الأجواء أن يستحيلوا فجأة إلى "مثقفين" من الطراز الأول ينتجون الآراء المركبة والتحليلات المدققة ويتقبلون بوجوه رائقة تشكيك المثقفين وشكهم ,ديكارتيا كان أو غير ديكارتي, في مسلماتهم ومقدساتهم؟
خامسا: أسأل الكاتب: من الذي ألقى بالمدوّن كريم عامر في السجن بتهمة ازدراء الأديان؟ هل كانوا الإسلاميين؟ لا بل الدولة ياسيدي والمؤسسة الدينية الرسمية .مثال آخر : إن رواية أولاد حارتنا للأديب نجيب محفوظ, جاءت صادمة للرأى العام المصري منذ عقد ونيف من الزمان إلا أن الوضع قد تبدّل الآن فالرواية قد تم طبعها ونشرها في القاهرة بل –وللدهشة- فإن من قام بكتابة توطئة للرواية كان الدكتور أحمد كمال أبو المجد بينما يجد القارئ كلمة بقلم الدكتور محمد سليم العوا على غلاف الرواية , وكلاهما محسوبان على التيار الإسلامي ,و في المقابل فإن المؤرخ وأستاذ اللاهوت د/ جورج بيباوي قد تعرض للنقد بل والتقريع من قبل الكنيسة الأرثوذكسية بدعوى أنه قام بتدريس الرواية نفسها لطلبته في إحدى السنوات. يمكننا أن نخلص من هذه المقابلة إلى ثلاثة استنتاجات:
- أن التفكير الديني الذي يضع بطبيعته قيودا على غيره من أنماط التفكير ليس قاصرا على الدوائر الإسلامية فقط بل إنه من هذه المقابلة بالذات يتضح أن المؤسسة الدينية المسيحية كانت أقرب إلى التعسف والانغلاق على الذات من المؤسسة الإسلامية ورموز الفكر الإسلامي.
- عملية التغير/التغيير الاجتماعي التي هي بطيئة بطبيعتها آخذة في الحدوث في البيئة الثقافية المصرية.

- التعميم الساذج باستخدام لفظة "إسلامي "لوصف مفكر أو تيار سياسي أو فكري دون تحديد أي "إسلامي" هذا الذي نتحدث عنه يختزل حقائق الأمور ويخل بتعقيداتها ويقصي رموزا مستنيرة من مثل أبو المجد و العوّا وغيرهما. ولعل الأسوأ في هذا الإقصاء هو عدم الاستفادة من طاقة وانفتاح مثل هؤلاء المفكرين لتجسير الفجوة بين "الغرب" والعالم الإسلامي.

سادسا: الأزهر, تلك المؤسسة القديمة والتي هي المؤسسة الدينية الوحيدة المخولة رسميا لممارسة الرقابة على الإنتاجات الإبداعية البصرية والسمعية, هي مؤسسة مسيسة إلى حد بعيد ما نتج عنه حالة من فقدان الثقة بين المسلمين والمؤسسة وفتاواها. من هنا فإنه من غير الدقيق بمكان أن تعتبر مؤسسة الأزهر ممثلا للإسلام والمسلمين بصفة جامعة, فبجانب "الإسلام الأزهري" هناك عدد من الخطابات الإسلامية الموازية التي يمكن حصرها (في اجتهاد شخصي مني) بشكل أولي كالآتي:
- الإسلام المتشدد: والذي لم يعد يعبأ بالرؤية الأزهرية لأمور المسلمين كرد فعل لما يراه أصحاب هذا الاتجاه من ترهل وضعف في مؤسسة الأزهر.
- التيار الإسلامي المستنير: وتمثله دائرة محدودة من المثقفين والباحثين, ومنهم من يبذل جهدا نظريا لتطوير خطاب إسلامي أكثر استنارة من السائد خاصة فيما يتعلق بالقضايا الخلافية والشائكة بمعزل عن الخطاب المحافظ والمسيس للمؤسسة الدينية الرسمية.
- الدعاة الجدد: ولهم شعبية كبيرة في أوساط الشباب, ويتسم خطابهم بكونه أقل شكلانية من الإسلام المتشدد, وفيه قدر من "الليبرالية" من حيث الانطلاق من الفرد والعمل على بنائه كوحدة أساسية لا يصح تركها تنسحق أمام المجموع
- الحركات الصوفية: وهذه غير منخرطة في الحياة العامة و السياسية على وجه الخصوص أللهم إلا بالنزر اليسير, على الرغم من أن الدراسات الميدانية تشير إلى درجة وعي سياسي كبيرة في أوساطهم
- مسلمون علمانيون: يؤكدون على ضرورة عدم الإشارة إلى الدين في الحياة العامة إطلاقا.

ولعل المسلمين العلمانيين جنبا إلى جنب مع الإسلاميين المستنيرين من بين هذه الفئات هم الأقرب إلى تبني مبدأ حرية الرأي والتعبير.

سابعا: لماذا لم ينح ِ الكاتب ولو بقدر من اللائمة على وزراة الثقافة المصرية ووزيرها الدكتور فاورق حسني على ما آل إليه حال الثقافة في مصر؟ ألا يكفي أن السيد الوزير أثبت على مر السنوات أنه فوق مستوى المساءلة الشعبية؟ أفلا يأتي الإنصاف إذن من الكتّاب والمثقفين؟

فيما يتعلق إشارة الكاتب إلى الشعارات المعادية للغرب و التي أطلقها متظاهرون مسلمون في أعقاب أحداث الرسوم الدانماركية المسيئة للرسول, أطلب من الكاتب العودة إلى الشعارات التي رفعها الأمريكيون والكتب والمطبوعات الكثيرة التي أنتجها أمريكيون والتي كانت تنضح بالكراهية للإسلام والمسلمين في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وماتزال حتى يومنا هذا الشعارات المعادية للإسلام والمسلمين تعج بها المواقع والمدونات على الإنترنت. ولا أزال أصر على أهمية عدم التقاط مثل هذه "الانفلاتات" المشحونة بالعاطفة في لحظات تمر فيها الأمم والشعوب بمنعطفات حادة في تاريخها, والتركيز عليها والاستشهاد بها.

صحيح ما ورد في المقالة من أنه تفرد صفحة في جريدة الأهرام الرسمية للدكتور زغلول النجار علما بأن في بعض ما يكتب إساءة لمعتقدات الآخرين, وإنه لمن المؤسف أني لم أجد إلى الآن من يرد على ما يرد بمقالات النجار على صفحات الأهرام, غير أنه من خلال متابعتي لجرائد المعارضة فإنها تفسح المجال لرجال الدين المسيحي كي يردوا على مثل هذه الكتابات وغيرها كذلك فإن الكثير من مواقع الإنترنت تؤدي نفس الغرض بل وإنه لمن المؤسف أن لغة التعبير تكون غالبا مهينة وشديدة التجريح.

نأتي إلى قصة استخدام صفحات من الكتاب المقدّس كورق تواليت على أيدي بعض المسلمين من الفلسطينيين بينما كانوا محتجزين في كنيسة القيامة, وكيف أن الحادثة لم تأت برد فعل عنيف من قبل المسيحين (وهو مثال استفزازي يوظفه الكاتب للتدليل على "التسامح المسيحي" في مقابل "الهمجية الإسلامية" ويقيس عليها طبيعة العلاقة بين القباط والمسلمين في مصر!) ...وأقول للكاتب: إذا أخذنا في الاعتبار رد فعل أقباط مصر الغاضب إزاء حادثة وفاء قنسطنتين وحادثة جريدة النبأ و هو رد فعل كاد أن ينزلق إلى هاوية العنف , هلاّ تخيلت معي ردة فعلهم في حال أن رأوا أو حتى نمى إلى علمهم صدقا أو كذبا أن مسلما مصريا استخدم أوراق الكتب المقدس بطريقة غير لائقة؟و كما أني لا أتصور مسلما مصريا يأتي بهكذا فعلة, فأنا كذلك لا أتصور أقباط مصر يردون عليها -إن هي حدثت – بمنأىً عن العنف. كما أني لا أتصور بحال رجال الدين المسيحي في كنيسة القيامة ذلك المكان ذي القدسية في لحظة فيها الكل -مسلمين ومسيحيين- تحت الحصار يصبون غضبا عنيفا على مجموعة من المسلمين الذين هم في حمى الكنيسة إذ أتوا بفعلة غير لائقة ولا تعبر إلا عن شذوذ سلوكهم هم.

ولعله يكون من المهم بمكان أن أتحفظ من الأساس على إيراد مثل هذه الأمثلة الاستفزازية والشاذة التي لا يصح القياس عليها, فالكاتب ولابد مدرك أن السواد الأعظم من مسلمي العالم لم يكونوا ليأتوا بفعلة فظة كتلك التي يشير إليها في مقالته ولذا فأنا أسمح لنفسي أن أعتبر في استخدام هذا المثال تشويها متعمدا لصورة الإسلام والمسلمين.

نهاية, فإن مقالات مثل هذه المقالة تستفز مشاعر المسلمين والمسيحيين على حد السواء وتقصي الإسلاميين المستنيرين و العلمانيين العرب عن مساحات الحوار الممكنة بوضعهم في سلة واحدة من المتشددين وتزيد من سعة الهوة بين العالم الإسلامي والغربي.

هناك تعليق واحد:

بحلم يقول...

شكرا للقاريء المخنوق اياه-الذي أري فيه أخي وكثيرون ذوي عقلية واحدة لا تعاريج فيها-
شكرا له جزيلا