الثلاثاء، 23 ديسمبر 2008










لما الخلاف احتدم بين خليفة بغداد و الوزير قالوا الخلايق في الأسواق والحواري: واحنا مالنا؟!المهم لقمة عيشنا! ولما بغداد ولعت بالفساد والمؤامرات والدسايس, قالوا الخلايق في الأسواق والحواري: واحنا مالنا؟! المهم لقمة عيشنا! ولما العسكر انبدر في شوارع بغداد يتصنت عالعباد ويلقط الكلمة والهمسة, قالوا الخلايق في الأسواق والحواري: شششششششششششش! واحنا مالنا؟ المهم لقمة عيشنا !ولما الأزمة اشتدت في البلاط, انتشر الكساد وزاد الفساد و جشع التجار واحتكار اللقمة, اتمررت عيشة الخلايق اللي فرغت بيوتها من خزين الطحين ولو ليومين ...زينة الصبايا باعت جسمها عشان اللقمة, والجدع الزين اتعلم يمد ايده يسرق من سيده اللي أواه وكساه وستره... والست اللي شبابها انقضى في الفقر وسنانها سقطت في الفقر وشعرها شاب في الفقر ماتت م الجوع على راس حارتها... والعيال الصغار بكوا لما بكاهم قطع حتى قلوب العسكر الجبابرة...لكن الخلايق ظلت تقول: واحنا مالنا؟ برضه حالنا أحسن من حال غيرنا! لكن جابر المملوك في بلاط الوزير كان غيرالخلايق دي كلها...شاب فيه فتوة وذكاوة...مملوك طموح..هو صحيح مايهموش الخليفة ولا الوزير ولا حتى بغداد اللي ولعت بالخلاف بين الاتنين...لكن يهمه طموحه...تهمه اللقمة الحلوة المغموسة في العسل والسمسم, والوجاهة وسط المماليك...وفوق الكل تهمه زمردة الجارية الشقية الغضة البضة في بلاط الوزير! لما عرف جابر المملوك بالنزاع بين الخليفة وسيده الوزير قرر يحشر مناخيره! مش لولائه لسيده الوزير.. ولا لمعارضته مع خليفة البلاد... ولا لأنه خايف على بغداد... ولا لأن القلب حن على حال العباد... لكن لأنه قرر يعمل أي حاجة لسيده الوزير مقابل الدنانير... والجارية الشهية... عرف المملوك الذكي ان الوزير عايز يمرر رسالة خارج بغداد...رسالة لحلفائه من الأمراء في بلاد العجم ..يطلب منهم انهم ينهوا أزمته مع الخليفة ويخلعوه عن العرش بقوة الجيش...وليهم ما شاءوا من إمارات... لكن ازاي يمرر الوزير رسالته الخطيرة وعسكر الخليفة مطوقين القصر والمدينة كما السلسلة حوالين الرقبة؟ ازي؟ ازاي؟ ازاي؟ على باب القصر المملوك بيلح في طلب مقابلة سيده الوزير...سيده الوزير بيوافق برغم الغضب والانشغال...المملوك جابر بذكاوة بيمسك اللحظة ويحط نفسه وافكاره الألمعية بين ايدين سيده... -ياسيدي الوزير أنا أمرر الرسالة -كيف يا مملوك ؟ والعسكر والبوابات والجنازير والبصاصين والعسس على رؤوس الحارات؟ -جابر خدام سيده الوزير عنده الوسيلة اللي ما تنكشف أبدا, بس لو يعطيه سيده الأمان -أفلح إن صدق...ليك الأمان يا مملوك...انطق -ولو نفذت يكون لي أطمع في كرم مولاي الوزير؟ -ليك اللي تريد يا مملوك...بس انطق -تعطيني أكياس الذهب؟ -أعطيك... - وترفعني وسط مماليك القصر؟ -رفعناك...اتكلم بقى لأقطع لسانك! - وتعطيني زمردة الشهية (بنظرة هائمة)؟ -ولو ما نفذتش حاقطع رقبتك! واقترح المملوك خطته الجهنمية على سيده الوزير...اقترح عليه يستدعي حلاقه الخاص, عشان يحلق راس المملوك ويخليها أنعم من خد الصبية...وعليها يكتب الوزير رسالته بالحبر اللي ما ينمحي...وبعدها يعزل المملوك أيام ويصطبر عليه لما ينبت شعره على الرسالة...وبكدة مهما يتفتش على الأبواب لا يمكن يظن الحرس على بوابات المدينة إن المملوك بيخفي شئ بين جلده وشعره! وبكدة توصل الرسالة من دون مخاطر للأمر... الوزير اندهش من المملوك ومفهوميته...ونفذ الخطة...استدعى الحلاق اللي حلق شعر المملوط جابر لحد ما بقت راسه تلمع كما المراية...وابتدا يكتب الوزير رسالته على راس المملوك... ثم عزل الوزير المملوك أيام في حجرة عتمة تحت القصر ما يعرف الطريق اليها الا الحرس المخصوص والوزير نفسه...وكل يوم يدخل الوزير يمس راس المملوك ويقدر فاضل قد ايه وينبت الشعر كما كان لاجل ما يغطي الرسالة الخطيرة...وجابر المملوك ما يصبره على العتمة الا طيف الجارية وعطرها في أنفه وحلم ببكرة أحسن...إيه يعني لما تقوم الحرب؟وإيه يعني لما يوصل رسالة تستعدي الأمرا على الخليفة؟ وإيه يعني لما يكون سبب في سقوط بغداد؟ كل دة مش مهم...المهم الجارية والعيشة الناعمة...المهم حلمه هو...حلم أكبر من الخليفة والوزير والأمرا والحرب وجوع العباد...حلم أكبر من بغداد... ونبت شعر المملوك...وخد حصانه وزوادته وأحلامه وجري على بلاد العجم حيث الأمرا حلفاء الوزير...عدا الأسوار والبوابات والبصاصين والعسس اللي خيالهم ما صور لهم انه بين جلد المملوك وشعره رسالة حتخلي طبول الحرب تدق...لما وصل المملوك قال لأمير الأمرا في بلاد العجم: الرسالة على راسي خطيرة...غامرت براسي...بحياتي...بروحي...لكن كله يهون عشان بغداد!!!! -عشان بغداد يا مملوك (على بابا؟!)؟؟؟ -عشان بغداد يا مولاي!!!! وكان كما اللي كان في قصر الوزير في بغداد...الحلاق والموس وحلاقة تمام لراس المملوك...بعد ما ظهرت الرسالة وقراها أمير الأمرا نادى سيافه وقال: خد المملوك...فسحه...نياهاهاها! ولقى المملوك جابر نفسه متشال هيلة بيلة لتحت القصر...ممرات عتمة وزنانزين عتمة...جابر يسأل السياف: "طب انت واخدني فين؟ انا عايز ارجع لبغداد على جناح يمامة...زمردة مستنياني...العز مستنيني! آه لو تعرف قد إيه أنا مشتاق أرجع"...والسياف صامت صمت الجدران اللي ما ليها ودان! وبضربه واحدة من سيفه فصل السياف رأس المملوك جابر عن جسمه!! ومات جابر من غير ما يعرف إن سيده الوزير كتب على راسه في آخر الرسالة بعد ما طلب المدد وفتح بغداد "ولكي يظل الأمر سرا بيننا اقتل حامل الرسالة بلا إطالة"!! **عرض ملخص جدا لمسرحية رأس المملوك جابر-سعد الله ونوس...اللي ماقراهاش لاااااازم يقراها:)








طول عمري بأحس إحساس خاص تجاه علم الاقتصاد! وطول عمري أقدر بتوع الاقتصاد و أقول اللي يفهم اقتصاد دة يبقى برنس! الاقتصاد دة أصله علم مفتاحي يقدر يغير كتير بس عايز دماغ نضيفة وعيال مصحصحة...نظريات ومؤسسات وبنوك وإشي صندوق النقد وإشي منظمة التجارة دة غير بقى الرسومات البيانية ...آي! الرسومات البيانية... أخدت مني راقات الرسومات البيانية دي! أهه محسوبتكو بقى كانت تشوف الـ graph من هنا وتضرب لخمة من هنا! منحنيات طالعة ومنحنيات نازلة وأرقام وخطوط متقاطعة...يا دين النبي! والله بتوع الاقتصاد دول برنسااااات...! أنا فاكرة واحد من السادة الخبرا الاقتصاديين المصريين اللي بيشاركوا في مفاوضات الشراكة الأورومتوسطية- المسار الاقتصادي- حضرتله محاضرة قال فيها إن المفاوضين المصريين عيال ولاد عفاريت في التفاوض في المسائل الاقتصادية وإن مفاوضي الاتحاد الأوروبي بيحملوا هم المفاوضين المصريين! لأ وإيه غالبا بيمشولهم اللي هم عايزينه! وقال إن مصر بالذات عشان العنصر البشري المناكف بتاعها دة (اللي هم المفاوضين بتوعها) من أكتر دول جنوب المتوسط استفادة من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي... وبيني وبينكو أنا لما بافكر بالاقي إنه مافيش محاضرة اقتصاد ولا مؤتمر اقتصادي حضرته في كلية اقتصاد جامعة القاهرة من سنة 1998 لحد دلوقتي, ولا حوار تلفزيوني طلع فيه خبرا اقتصاديين مصريين إلا وكانوا بيقولوا كلام واعر أوي ومنسق أوي ومنمق أوي ومستف أوي! كلهم سبقلهم شاركوا في مفاوضات ماراثونية شرسة مع الكتلة الاقتصادية الفلانية ولا التجمع الاقتصادي العلاني دة غير المؤتمرات الدولية, و تلاقيهم كلهم عارفين كل حاجة وفاهمين كل حاجة وبيرسموا كل المنحنيات البيانية اللي بافهمها بالتيلة وبيشرحوا عليها كل النظريات الشديدة بتاعت الاقتصاد من أيام ما فحتوا البحر لحد دلوقتي! وتلاقيهم كلهم حافظين تاريخ مصر الاقتصادي وعارفين تفاصيل سياسات محمد علي الزراعية والصناعية وعارفين تأثير ثورة يوليو على الهيكل الطبقي في مصر وبيعرفوا يتكلمو حلو أوي عن تأثير سياسات الانفتاح على الاقتصاد المصري وعن معدلات الفقر في بلدنا وتأثيرها على المرأة بوصفها من الفئات الهشة في المجتمع.... وياسلام بقى لو موضوع العولمة اتفتح واديله بقى دول الشمال ودول الجنوب والدول الثماني الصناعية الكبرى وعصر الإقليمية و التجمعات الاقتصادية والأسواق المفتوحة والمنافسة التجارية والنمور الآسيوية ! خد في دة بقى أحلى كلام!... الحقيقة يعني ان كل الشواهد بتقول إن عندنا عيال حريفة اقتصاد...عشان كدة تلاقيني بقى مش عارفة أنام الليل! وأفضل أسأل في روحي وفي اللي حوالي: طب حالنا مايل ليه؟ دة أنا أينما وجهت وجهي ثمَ خبير اقتصادي مصري بيحكي ازاي شارك في المفاوضات دية ولا دكهة وازاي نجح في أن يجيب لمصر الديب من ديله, بينما أجد آخر بيحلف أيمانات المسلمين تلاتة إنه حذر أكتر من مرة القائمين على صناعة القرار من تداعيات القرار الاقتصادي الفلاني ولا العلاني بعدما أجرى ما يلزم من دراسات حول الموضوع...وتلاقي دراسات عن الفقر وثقافة الفقر وعن الفساد وثقافة الفساد وآثار الفساد على الاقتصاد والعباد وإشي اقتصاد سياسي على اقتصاد تاريخي على اقتصاد إسلامي...مولد! وكل ما أسمع ولا أقرا بأندهش...وكل يوم أندهش أكتر من اللي قبله...وكل يوم تزيد الدهشة...أصحى مندهشة وأنام مندهشة وأقضي يومي وأنا مندهشة وأقرا الجرنال وأنا في قمة الدهشة... الله! طب إيه طيب؟ ما احنا زي الفل أهه وعندنا عيال أبالسة اقتصاد هارشين اللعبة كلها ...أمال ليه حالنا ما بينصلحش بس يا ناس؟!








مفاجأة حلوة حملها لي بريدي الليلة إذ استلمت مكتوبا قصيرا ودودا من المفكر والكاتب الجزائري حميد زناز (مدرس الفلسفة بجامعة الجزائر ومقيم بفرنسا منذ عام 1993) تعليقا على تدوينتي "من دفتر زائرة لموقع الأوان" وهي التدوينة التي نشرها موقع الأوان الأسبوع الفائت...في تدوينتي أشرت لكتابات السيد زناز باعتبارها نموذجا للكتابات العربية العقلانية اللادينية التي تشكك في ثوابت الفكر العربي الإسلامي, بخاصة في شقه السياسي, وعبرت فيها عن تشكك قارئ متخيل وصفته بأنه "إسلامي مستنير" إزاء مقالات السيد زناز وتردده -القارئ-في التعاطي الإيجابي مع ما ورد بها من أفكار. بل إني وصلت- بهذا القارئ المتخيل- حد وصف موقف الكاتب من مسألة التكفير والموقف الفقهي الكلاسيكي منها (الذي يقوم في الغالب على الحديث النبوي" من بدل دينه فاقتلوه")- وصفته بالمماحكة والمجادلة إما بغير علم أو بغرض النيل من الموقف الإسلامي من مسألة "الغيرية"... كما اتهمت في مقالتي- على لسان القارئ المتخيل- السيد زناز بإسكات صوت الحق والتحيز الأعمى للحضارة الغربية وذلك على خلفية مقالة كتبها متناولا فيها بالتشكيك موقف ميشيل فوكو المحتفي من الثورة الإسلامية في إيران أو "الخومينية" على حد الاصطلاح الذي استخدمه الكاتب. و إن كانت أفكار قارئي المتخيل قد تقاطعت مع بعض أفكار السيد زناز خاصة فيما يتعلق بنقطة تجديد الخطاب الديني الإسلامي شبه المتحجر... ولما كان "لساني طويل" هكذا, فقد أدهشني حقا أن كتب لي السيد زنازالليلة محتفيا بمقالتي شاكرا إياي على إشارتي لكتاباته في معرض مقالتي وبأن أثرت حوارا ما ولو في دائرة محدودة حول أفكاره والموقف الذي قد يقفه منها قارئ متخيل محسوب على التيار الإسلامي...فشكرا سيد حميد زناز على سعة صدرك, والحقيقة يعني أنك أحرجتني بمكتوبك الودود هذا!... وإن كان قارئي المتخيل لا يزال عند موقفه من كتاباتك! و منكم يا سيدي نتعلم آداب الاختلاف.








كنت نازلة جري...متأخرة كعادتي, فأنا دوما بلا منازع امرأة اللحظات الأخيرة! شربت قهوتي على الواقف أمام قناة الجزيرة وعيناي مشتتان بين صور دموية مخيفة تعرضها القناة وبين الشجرة التي تطل عليها نافذة حجرة الجلوس... لن آخذ سيارة أجرة اليوم, بل سوف "أخشوشن" اليوم وأقضيها مواصلات عامة وبهدلة ...فكما كانت تقول لي الأستاذة فاطمة مدرسة الجغرافيا في مدرستي الثانوية "التنعم لا يدوم"...حاضر يا أبلة فاطمة.

في المترو, جلست إلى جواري امرأة شابة تلبس ملابس ريفية...وجهها جميل وهادئ, سألتني وهي تغطي شطر وجهها بطرف الشال الذي تضعه على رأسها و بصوت ناعم فيه حياء ولكنة جنوبية لم أكد أفهمها "نازلة رمسيس؟" نطقت رمسيس بياء ممطوطة فبدت لي الكلمة غريبة...ركزت شوية عشان أفهم ثم قلت: "لأ...نازلة قبل كدة"...ثم بتلقائية أشرت لها إلى اللافتة الملصقة فوق الباب والتي تحمل أسماء المحطات مرتبة بمعنى أن تابعي سير المترو وقارنيه باللافتة حتى تصلي لمحطتك المنشودة... ثم صمت غارقة في أفكاري وهي الأخرى صمتت...بعد شوية سألتني تاني: "يعني مش نازلة رمسيييس؟!"...وبعدين بقى؟! آآآآآه...ربما هي لا تقرأ أصلا! كيف لم أفكر في هذا؟ وكأني نسيت أن القراءة مهارة مكتسبة فإن لم تجد من يلقنك إياها فإنك قد تحيا الحياة كلها دون أن تثقل وعيك بها على الإطلاق! سألتها وقد التفت لخطئي:- بتعرفي تعدي؟ قالت نعما مترددة, فقلت لها: -عدي بعد ما أنزل أربع محطات وانزلي الخامسة...سكتت برهة كانت كافية لأن أشرد من جديد في حواري الداخلي غير المتناهي قبل أن توقظني مرة أخرى بصوت ناعم: "جاية من جنا (قنا) "دل" وحارجع "دل"॥" !॥يعني إيه بقى؟!! سألتها:- يعني إيه "دل"؟! فضحكت وهي تداري ضحكتها بالشال حياء وقالت "يعني جاية أسأل ويدلوني وحارجع أسأل ويدلوني"!! آآآآآآآآآآه! فهمت! ثم أضافت: - طول عمري أمشي في كنف راجل أمشي وراه من غير ما أسأل... ولا أعرف آجي ولا روح من غير راجل...دي أول مرة آجي مصر لوحدي...- توهة صح؟قالت بنظرة امرأة مجهدة قليلة الحيلة: - آي والله توهة... ثم سألتني: - عندك عويلات؟ - يعني إيه عويلات؟!!! -عويلات صغار يعني! -آآآآآه أطفال يعني؟ لا ما عنديش! - يجعل وشي عليكي وش الرزج والفرحة। في هذه اللحظة أدركت أني استغرقتني المرأة الشابة بلكنتها الجنوبية المطلسمة وملابسها الريفية الكثيرة متداخلة الألوان ودعائها الحلو حتى فاتتني محطتي! وهكذا تأخرت على تأخري لأظل محتفظة بمكانتي كامرأة اللحظات الأخيرة! بينما أهم بالنزول ملقية عليها "السلام عليكو...خلي بالك من نفسك" لم يكن يشغلني تأخري بقدر ما شغلني حديثي القصير مع الريفية السمراء... كيف كان أن طلبت منها قراءة اللافتة فوق باب المترو كأنها ولابد تعرف كيف تقرأ؟ كيف نسيت أني أعيش في بلد معدلات الأمية فيه تزيد على 40% معظمهم من النساء؟! كيف ننسى في غمرة حياة المدينة اليومية الرمادية هذي أن هناك أناسا على بعد ساعات منا يحيون حيوات مختلفة جدا عن حياتنا...حيوات مختلفة بقواعد مختلفة ومخاوف مختلفة ولكنات مختلفة؟ حيوات حيث أناس -ربما- لا "يفكون الخط" وبالكاد يعرفون الأرقام ويخشون أبواب المترو الكهربية المنزلقة التي لم يعتادوا رؤيتها, وحيث النسوة تخفين وجوههن في الضحك حياء ولا تعرفن ما تفعلن من دون رجال؟!...كيف أنسى وأدع حياتي تستغرقني حتى أتصور أنها الحياة الوحيدة وأن معطياتها وصراعاتها ونزواتها وانتكاساتها هي الممكن الوحيد؟!










...أن سبب تأخير وصول القطارات هو انتحار شاب تحت عجلات القطار في محطة "مبارك"...ومن جهة أخرى، ذكرت مواقع مصرية أن شابا آخر حاول الانتحار في نفس اليوم عندما ألقى بنفسه أمام قضبان محطة مترو ثكنات المعادي بالخط الأول، إلا أن سائق القطار توقف قبل وصوله المحطة.ويأتي حادث انتحار الخميس بعد يوم من انتحار مواطن آخر شنقا في محافظة أسيوط جنوب مصر؛ بعد معاناته لفترة طويلة من تراكم الديون عليه، بحسب صحيفة "المصري اليوم"."زمااااااااان كانوا المستشرقين ومن نحا نحوهم بيقولو إيه؟ بيقولو إن من فضائل بلاد الشرق(الأدنى والأقصى) على بلاد الغرب أن قطع أناس الشرق مسافات طويلة على درب الازدهار الروحي -واخدلي بالك- والاطمئنان النفسي والدفء الإنساني, ذلك أن الشرق اهتم - عبر العصور-بالروح التي تسكن الجسد الفاني, فعمل على إشعالها أبدا كجذوة نار- لا تخمد -في أروقة المعابد الضخمة والكنائس الضخمة والمساجد الضخمة, ولأن الشرق وبلاد الشرق ومن يسكنون بلاد الشرق يؤمنون بأن وراء العالم عالم, وبأن "للبيت رب يحميه" في حين يغرق الغرب في عالم ضيق تخنقه المادة!! وامتدادا للكلام دة تلاقي بقى بتوع علم النفس الحديث يقولولك إيه حاجات من قبيل: إن الروحانية التي تتسم بها المجتمعات في الشرق والنزوع إلى التواصل الإنساني فضلا عن الحرص على روح الجماعة( في مقابل الإفراط في الفردانية وإيثار الانعزالية في المجتمعات الغربية) كلها عوامل ساعدت على تقلص معدلات الانتحار في دول الشرق مقارنة بارتفاعها الكبير نسبيا في بعض الدول الأوروبية مثل الدول الاسكندنافية التي تعد من أغني دول العالم وكدة! وكان د. عادل صادق الله يرحمه (بتاع علم نفس) بيقول: أنا ورد علي حالات اكتئاب في عيادتي كثيرة جدا على مدار سنوات عملي في هذا المجال وأستطيع أن أجزم من خلال خبرتي العملية التي امتدت عقود في التعامل مع المرض النفسي أن الفقر في ذاته لا يولد الاكتئاب..ولا وراء السقوط في بئر الاكتئاب إلا افتقاد الحب وذبول الروح... طب إيه يا دكتور؟ إيه قولك بقى لما يبقى افتقاد حب وذبول روح وفقدان إحساس بالأمان وزحمة مواصلات وفضائيات الـ "مش حتقدر تغمض عينيك" وفساد وأكل مسرطن وبلطجة وناس لا سامعة بعض ولا راحمة بعض وفوق دة ودة فقر لا تتأبطه ثقافة الاستغنااااااء ولا عفة النفس؟ إيه قولك في الحالة دي؟! فيه أمل يا دكتور؟! طب عادل صادق مات -الله يرحمه -ومش حيرد علي, ممكن بقى اخواننا بتوع التعبئة والإحصاء- شالله يتهنوا- يعملولنا دراسة ميدانية عدلة كدة يقولونا فيها معدلات الانتحار في بلدنا وصلت لإيه وإيه أهم أسبابها ومين أكتر شرائح اللي بتقبل على التجربة دي في مجتمع معروف عنه من قديم الأزل أنه مجتمع متدين يؤمن أغلبه بأن الانتحار خطيئة وكفران؟ ولا يا ترى لم يصل الأمر في تصورهم بعد لحد الظاهرة ولا إبه؟


يا صديقي ارحل لا ترحل!إني امرأة حلوة...إني أحفظ ألف قصيدة...لكن...كل قوافيها حزانى!وكل الألفاظ في كل الأبيات ضعيفة!دعك من شعري إذن والقوافي...ألا إن الشعر غواية والشعراء غاوون!لكن لا ترحل... فإني أعرف ألف حكاية...لكن...كل نهاياتها كئيبة!وكل نسائها تموت بالداء العضال...وكل رجالها يخونون أوطانهم أو يفقدون عقولهم!لا عليك من حكاياتي...فلتمت -لأجل عينيك- الليلة كل شهرزاد تقمصتها يوما...فقط لا ترحل! فإني أعرف كيف أحيك...وأعرف كيف أطرز الوسائد البيضاءوالستائر البيضاءوالمفارش البيضاءبأزهار من خيوط ملونةحمراء وزرقاء وصفراءلكن...بعض أزهاري شوهاء!لأني لست امرأة صبور...وفي نفاد الصبرأمزع الخيوط الملونةو أغرز الإبر الحادة في مساند المقاعد الخاوية الصماء!لا بأس...دعك من الستائر والمفارش والوسائدوحديث المساند والمقاعدوالصبر النافد...و لا ترحل! أغني؟ !لست أغني...فصوتي مبحوح منذ زمانلكثرة ما رجوت أحبائي في انتحاب ألا يرحلوا عني...وما لك وما لنحيبي والرجاء؟ألا بعدا للنحيب والرجاء والغناء كما بعد الأحباء!انتظر... لا ترحل!انظر...إن أقراطي حلوةومساحيق وجهي ألوانها حلوةو زيوت شعري رائحتها حلوةوعطوري حلوةوخلاخيلي الفضية الرنانة حلوةأنا فقط أهملتهم لأني شردت عن كل الأشياء!فأنا يا صديقي امرأة مريضة بالشرود المزمن...وأنا لا أكاد أتقن شيئا في دنيا الله أكثر من القوافي الحزينةوالحكايا الكئيبةوالأزهار الشوهاءوبحة الصوت في الرجاءوداء الشرود المزمن...وبعض زينة النساء!يا صديقي ارحل...أنا لست امرأة حلوة.

ليست هناك تعليقات: